للجمعية دور كبير في تعليم ونشر اللغة العربية
عندما تحاور قامة في مستوى الشيخ الجليل عبد اللطيف الشويرف قامة يجب عليك أن تعد نفسك جيدا لهذا الحوار ، وهذا ما فعلناه حتى نعطي هذا الرجل حقه وحتى نكون حريصين وأمناء على ما يقوله وكيف لا وهو الذي نشأ في أسرة متدينة وفي بيت يتلى فيه كتاب الله أناء الليل وأطراف النهار فكان والده رحمه الله من حفظة كتاب الله .
ولم نخض في نشأة الشيخ كثيرا باعتبار أن ذلك تتحدث عنه سيرته الشخصية المرافقة لهذا اللقاء والذي حرصنا خلالها على الحديث عن علاقته بجمعية الدعوة الإسلامية وكلية الدعوة ومساهمته في المصاحف التي تصدر عن الجمعية ، وبدأ الشيخ عبدا للطيف الشويرف حديثه قائلا :
في شهر ديسمبر من العام 1972 انعقد المؤتمر العام الإسلامي الأول بمدينة طرابلس وشارك فيه عدد كبير من العلماء والمفكرين من جميع أنحاء العالم ، وأوكلت مهمة تنظيمه للأستاذ المرحوم صالح بويصير ، وبحكم إقامته في مصر كانت له علاقة بعدد من المشائخ الأجلاء الذين كان لهم حضور فاعل في المؤتمر الذي كان لي شرف عضوية لجنته التحضيرية رفقة المرحوم الشيخ محمود صبحي ورئيس المحكمة العليا ان ذاك السيد علي مسعود والشيخ إبراهيم ارفيدة ، وقد سجل المؤتمر نجاحا كبيرا ما جعله يتخذ عدة توصيات مهمة من ضمنها تأسيس مؤسسة أو هيئة للدعوة الإسلامية في العالم يكون مقرها طرابلس ، وبناء على هذه التوصية تحمس كمال المنتصر رحمه الله لفكرة إنشاء هذه المؤسسة ووضعنا سويا المشروع الأساسي بالتعاون مع إدارة التشريع والقضايا بوزارة العدل باعتبارها الجهة المعنية بالقوانين ، وبعد الانتهاء من المشروع الأساسي صدر عن مجلس قيادة الثورة ان ذلك قرار إنشاء الجمعية وكان أو رئيس لها المرحوم الشيخ محمود صبحي وكنت أحد الموقعين على قانون إنشاء الجمعية وهذا شرف أعتز به أيما اعتزاز ، وكنت عضوا بمجلس الإدارة صحبة المرحوم إبراهيم ارفيدة وعبدلله القرضاني والدكتور علي العنيزي والدكتور محمد ادغيم والأستاذ المهدي أبوحامد ، وأول مقر للجمعية كان بميدان الجزائر وقد اهتم الشيخ صبحي بتوفير مصادر مالية للجمعية واشترى عمارة بميدان الجزائر لتكون باكرة الاستثمار لها، كما انه هو من اشترى المقر الحالي للجمعية وكان رحمه الله حريص على توفير أوقاف للجمعية ، واستمر الشيخ محمود صبحي في رئاسة الجمعية والسير بها نحو تحقيق كثير من جوانب رسالتها إلى غاية سنة 1979 ، وللحقيقة والتاريخ فان طوال السنوات التي تولى فيها المرحوم محمود صبحي رئاسة الجمعية كانت تعمل لأجل خدمة المسلمين ومساعدة الضعاف منهم ولم يربطها بحاكم أو حكومة أو أي توجه سياسي ، وقد سيرت الجمعية عديد المساعدات إلى ماليزيا وسنغافورة وتايلاند ومساعدات مماثلة إلى عدد من الدول الأفريقية ولم تكن هذه المساعدات مشروطة بل كانت لوجه الله ، كما قامت الجمعية بإنشاء عدد من المساجد وترميم أخرى إضافة إلى إنشاء كثير من المدارس الدينية ، وباختصار كانت الجمعية تقدم المساعدات لأجل خدمة إخواننا المسلمين .
– وكيف كانت فكرة إنشاء كلية الدعوة ؟ .
البحث العلمي كان من ضمن أهداف الجمعية لذا كان لابد من إنشاء كلية للدعوة الإسلامية التي عهد إليها مسؤولية إعداد وتأهيل المختصين في العلوم الإسلامية بحيث يتو لو ا مهمة الدعوة إلى الإسلام وفتحت الكلية أبوابها إلى الراغبين في الدراسة بها من كافة إنحاء العالم ،وقد بذلنا جهدا صحبة المرحوم كمال المنتصر لأجل إصدار قانون إنشاء الجمعية من خلال الاتصال بإدارة التشريع والقضايا بوزارة العدل ، وأول مقر للكلية كان بميدان الجزائر كذلك قبل ان تنتقل إلى منطقة الظهرة ومن بعد إلى مقرها الحالي ، وفي بداية افتتاحها استعنا بطلبة من الأزهر حتى يكونون نواة
الدارسين بهذه الكلية ، ونجحت الكلية في استقطاب مجموعة من الطلبة من عدة دول أجريت لهم مقابلات شخصية وكان هؤلاء الطلبة من إفريقيا واسيا وكان من ضمنهم طالب من اليابان يجيد اللغة العربية ، والبداية كانت بفصل واحد من طلبة الأزهر واعد لهم قسم داخلي مجهز وتتوفر فيه الإعاشة ، وقد أسندت مهمة الإشراف على الكلية للشيخ فاتح حواص ويساعده الأستاذ كمال المنتصر وعين عدد من الأساتذة والمشايخ للتدريس بالكلية ووضع منهج للدراسة بها ، واذكر ان المرحوم كمال المنتصر كان متحمسا جدا لإنشاء الكلية لأنه يرى ان المسلمين في العالم فقراء ويحتاجون للمساعدة ومن أحسن المساعدة التي يمكن أن تقدم لهم هي التعليم لان الاستعمار كان يخص الوثنيين والمسيحيين بالتعليم ، والحمد لله هاهي كلية الدعوة الإسلامية وقد أصبحت صرخا علميا إسلاميا وقد تخرج منها ألاف الدعاة والشهادة التي تمنح للخريجين منها معتمدة حسب نظام التعليم في ليبيا وفي الخارج كذلك ، ويحسب لكية الدعوة الإسلامية انه تخرج منها آلاف الدعاة الذين اجتهدوا وأصابوا في الدعوة إلى دين الله ، وهنا لابد لي تقديم التحية والتقدير والعرفان إلى كل من كان وراء هذه النقلة النوعية للكلية من خلال تجهيز مقرها الحالي وما يتضمنه من مدرجات ومكتبة يفتخر بها ما جعلها تضاهي أكبر الكليات في العالم الإسلامي، بل أن كلية الدعوة تتفوق لأنها قدمت خدمات جليلة للإسلام واللغة العربية .
وكيف كانت مساهماتك في المصحف الشريف ؟ .
هنا لا تحضرني السنة لكن يحضرني الموقف عندما تنادى عدد من الشباب الذين لديهم اتجاه قراني وكانوا متحمسين لفكرة أن تقوم الجمعية بمشروع طباعة مصاحف بالقراءات المختلفة ، لان كل بلد إسلامي اشتهر بقراءة معينة وعلى سبيل المثال أشقاؤنا في المشرق يقرؤون بحفص وفي السودان الدوري وهكذا ، والى جانب القراءات المتداولة هناك قراءات أخرى يعرفها المتخصصون الذين تخرجوا من معاهد القراءات ، وعلى سبيل الذكر لا الحصر المتخرجون من معهد البيضاء للقراءات ، وكان هناك رغبة واتجاه للتعريف بالقراءات المتواترة ما يعني نشر المعرفة بالقران الكريم من خلال هذه القراءات طبعا ، ومشروع كهذا يحتاج إمكانيات كبيرة لا يمكن لفرد أو مجموعة إفراد تحملها والأمر يستدعي تخل مؤسسة متخصصة في هذا الشأن ، وتم الاقتناع بالفكرة وتم تكوين لجنة من هؤلاء الشباب وانضمم إليهم المتخصصين ممن يحملون شهادات في القراءات على منوال الشيخ مصطفى قشقش الذي عهدت اليه رئاسة اللجة والدكتور رجب غيث خريج معهد البيضاء للقراءات والدكتور رجب أبودقاقة خريج معهد البيضاء كذلك وأسندت مهمة مقرر اللجنة الى الشيخ طارق عباس ، وباكورة انجازنا كان مصحفين ولاول مرة يكتب مصحف بطريقة جديدة بحيث منعنا تركيب الحروف ولا توجد أي كلمة مركبة، والمصحفان كانا برواية حفص عن عاصم لان جل المسلمين يقرؤون حفص والجمعية مؤسسة عالميا كان من واجبها الاهتمام بالقراءات المتعددة، واذكر هنا والكلام للشيخ عبد اللطيف الشويرف انه كانت لدي فكرة مراجعة كثير من المصاحف من خلا الاستعانة بمكتبة مسجد أبي منجل وكنت أشير إلى الأخطاء وتقديم التصحيح ووفقني الله في شرح القواعد الأساسية لكتابة المصحف ،ويسجل لجمعية الدعوة الإسلامية طباعتها ولأول مرة في العالم الإسلامي المصحف الشريف برواية البزي عن ابن كثير ، كما أن هناك أربعة مصاحف قد تم الانتهاء تم تجهيزها واعدو العلي القدير أن تأخذ طريقها للطباعة ومن بعد إلى أيدي وعقول القراء ، وهذه المصاحف هي :
-مصحف برواية قالون عن نافع
-مصحف برواية ورش عن نافع
-مصحف برواية أبي الحارث عن الكسائي
-مصحف برواية الجام عن ابن عامر
وباعتباري قريب من الجمعية ومن مكتب الإعلام المعني بالطباعة والنشر فإنني اقدر الظروف التي عليها واقع الحال ، ونحن على ثقة بأن الظروف ستتحول إلى الأفضل بإذن الواحد الأحد وستعود الجمعية إلى إثراء المكتبة الإسلامية بكثير من الإصدارات .
-وماذا تقول لنا عن إصداراتك أيها الشيخ الجليل ؟ .
أصدرت كتاب نماذج وصور سنة عنوانه نماذج وصور سنة 1997 كما انه لي كتابان في انتظار الطباعة منذ أربع سنوات الأول بعنوان مثلث الكلام والأخير أحاديث عبر الأثير وهو انتقاء لحلقات مسموعة تتجول في نحو 100 موضوع تهم حياة الناس وسلوكهم .
-وماذا تقول أخيرا ؟ .
الحقيقة أنا سعيد بهذا الحوار ولابد لي في هذا المقام من القول أن جمعية الدعوة الإسلامية ستبقى رائدة في خدمة الدين الإسلامي ومساعدة المسلمين ، وان كانت هناك ظروف وقفت في طريقها وعطلت عجلة مسيرتها فان الجمعية لن تتخلى عن تنفيذ أهدافها ونحن متفائلون بأن الجمعية ستعود أفضل مما كانت وديننا الإسلامي الحنيف يتطلب منها أن ننصره بالعمل والعلم ومساعدة إخواننا في شتى بقاع العالم ، كما أنني اثني على أهمية صحيفة الدعوة الإسلامية إلى جانب ما يصدر عن الجمعية من إصدارات خدمة للإسلام والمسلمين داعين العلي القدير ان يوفق الجميع ويجمع شمل الليبيين ويوحد كلمتهم حتى يواصلوا رحلة خدمة الإسلام وتقديمه على حقيقته .